vendredi 22 janvier 2016

الهواء ومكوناته

إنّ الهواء يحيط بنا من كلّ جانب، ونحن وإن كنّا لا نراه فإنّنا نرى فعله في اكتياح الأوراق ورفرفة الأعلام وتدويم دخان المداخن، كما نحسّ به يلفح وجوهنا وأيدينا وأرجلنا في الأيام العاصفة.

وقد ظلّ العلماء يعتقدون بعنصريّة الهواء حتى عام 1670 حين اكتشف بعض العلماء وجود غازين على الأقلّ في تكوينه.  وحدا ذلك إلى مزيد من البحث ثبت به أنّ الهواء مزيج من أكثر من غازين. ونحن نعلم اليوم أنّ الهواء يتكوّن من عدّة غازات، يؤلّف منها الأكسيجين حوالي 21% والنتروجين 78% والأرغون نحو 1%. ويحوي الهواء إلى جانب هذه الغازات الثلاثة كمّيّات قليلة من ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء ومفادير ضئيلة من غازات نادرة أربعة وهي الهليوم والنّيون والزّنون والكربتون.

والأكسجين هو جسم غازي ثنائي الذرة يشار إليه بعلامة O2، يتكون عندما يتفاعل مع تأثيرات الضوء خاصة في المناطق الاستوائية، ثم توزعه الريح على كامل مناطق الكرة الأرضية. وهو غاز الحياة في الهواء الذي يلفّ الأرض بسمك يقارب 72 كيلومترا لا يتكافأ فيه توزّع الغازات. فالهواء في الطبقات العليا يقلّ كثيرا بحيث يعود الأكسجين فيه كاف للتنفس. ولذا يحتاج الطيارون ومتسلفو الجبال العالية إلى مدد من الاكسجين للتنفس وإلاّ انهاروا لنقص الأكسجين في الدم وخلايا الجسم.

وقد توصل العالم الفرنسي (أنطوان لافوازييه) سنة 1775 إلى ضبط الوظائف الأساسية لهذا الجسم الغازي وهو أول من أطلق عليه اسم (أكسجين) وبين أنه يوجد في الهواء وفي الماء وفي أغلب المواد العضوية النباتية والحيوانية، وهو ضروري لتنفس الكائنات، كما بيّن أنه هو العامل الأساسي لتأكسد المعادن (الصدأ) وأساسي في تركيبة الحوامض.

ويمكن للهواء بصفة عامّة أن يكون ساخنا عند تعرّضه لأشعة الشمس فيتمدّد ويصبح وزنه أخفّ من الهواء البارد فيصعد إلى أعلى ويحلّ محلّه الهواء البارد الذي يتحوّل إلى رياج تهبّ على الأرض بسرعة متفاوتة.

ويكوّن الهواء المحيط بالأرض غلافا يمتصّ أشعّة الشمس الخطيرة، ولولاه لارتفعت درجة الحرارة على سطح الأرض إلى 110 درجة فوق الصفر في النهار وتنزل في الليل إلى 184 درجة تحت الصفر، علما أنّ غليان الماء يبدأ عند درجة 100، ويتجمد عند درجة 0.

إنّ تبادل الغازات بين الغلاف الجوي والكائنات الحية في حركة مستمرة. فعندما يتنفس الإنسان والحيوانات فإنّهم يستنشقون الأكسجين ويطلقون ثاني أكسيد الكربون، أمّا النباتات فهي تلتقط ثاني أكسيد الكربون الضروري لعمليّة التمثيل الضوئي وتطلق الأكسجين في الجوّ.

الهواء في كل مكان

نحن نحسّ بالهواء على أجسادنا وفي أفواهنا، فهل بالإمكان البرهان على أن الهواء في كل مكان حوالينا؟

- غطس قنينة ضيقة العنق في دلو ماء وفوهتها إلى الأسفل.
- أمِل فوهة القنينة ببطء نحو سطح الماء.
- ماذا تلاحظ؟
- هل كانت القنينة فارغة؟
* لقد كانت القنينة مليئة بالهواء الذي رأيناه يتصاعد منها على شكل فقاقيع والماء يدخلها.


أسقط في دلو الماء كتلة من تراب الحديقة.
- فماذا تلاحظ؟
- حاول تلقي هذه الفقاقيع في قنينة ملأى بالماء منكسة باتجاه الفقاقيع.

- أعد التجربة بتدلية طوبة أو آجرة في دلو الماء.
- هل هنالك ما يشير إلى أن الهواء كان موجودا في الطوبة؟
* إنّ الطوبة تحوي الهواء في مسامتها ككتلة التراب. فالهواء يملأ كل حيز حولنا صغر أم كبر.

لاحظ كيف تطفو إسفنجة الحمام على سطح الماء ومساماتها ملأى بالهواء، لكنك إذا عصرتها تحت سطح الماء تمتلئ مساماتها  بالماء ويزداد وزنها.

اِملأ كوبا بالماء البارد واتركه في مكان دافئ أو على عتبة نافذة معرضة للشمس بضع ساعات ولاحظ ما يحدث.
- هل هناك ما يشير إلى أنّ الماء يحوي بعض الهواء؟

- إنّ الماء يحوي بعض الهواء مذابا فيه وبتأثير الدفء تقلّ ذوابانيّة الهواء في الماء فيتصاعد بعضه على شكل فقاقيع. 

الهواء والاحتراق

تحتاج النار إلى الهواء، وقد عرف الإنسان الأول هذه العلاقة حين اكتشف أنّ التهوية (أو النفخ) تجعل من الشرارة نارا وهّاجة، وأنّ النار المكشوفة تستعر وتتوهّج أشدّ بتوافر التهوية.

وفي التجارب التالية سنكتشف علاقة الهواء بالاحتراق.
يلزمك لهذه التجارب شمعة وطبق مسطح وثلاثة مَرْطبانات مختلفة الأحجام وقليلا من الصلصال.
- ثبت الشمعة في وسط الطبق بالصلصال وأشعلها.
- بعد استقرار اللهب، نكسّ فوق الشمعة أصغر المرطبانات وراقب ما يحدث.
* لهب الشمعة يأخذ في التضاؤل حتى ينطفئ (وقّت الزمن منذ تنكيس المرطبان حتى انطفاء اللهب).

- أعد التجربة مستخدم المرطبانين الآخرين وقارن فترة استمرار اللهب في كل مرّة (مع ملاحظة تساوي فتيل الشمعة عند اشتعاله في كل مرّة).
* إنّ كمّيّة الهواء الأكثر تحتوي أكسجينا أكثر، وهذا يطيل أمد الاشتعال.

- أعد التجربة بعد صبّ الماء في الطبق حول الشمعة، وسجلّ ملاحظاتك.
* إنّ الاحتراق يستهلك أكسجين الهواء وهذا هو سبب ارتفاع الماء في المرطبان.
- هل يمكنك تقدير نسبة الأكسجين في الهواء بقياس كمّيّة الماء التي شغلت مكانه؟

- أعد التجربة مستخدما المرطبانات المختلفة ووقت الزمن الذي ينقضي قبل انطفاء لهب الشمعة في كلّ مرطبان، وقم بقيس ارتفاع عمود الماء النسبي في كل حالة.
- هل يرتفع عمود الماء إلى العلامة نفسها إذا أعدت التجربة مستخدما المرطبان نفسه؟

الضغط الجوّي: إثبات وجوده - قيس الضغط الجوّي

إثبات وجود الضغط الجوّي

عندما يغوص المرء في الماء يشعر بضغط في جسمه (وبخاصة على أذنيه) ويتزايد هذا الضغط مع ازدياد عمق الغوص. ونحن في الهواء الذي يلفّ أرضنا معرضون لضغطه الهائل الذي يعادل حوالي 1.033 كيلو غرام على السنتيمتر المربع. أي إنّ ضغط الهواء على جسم الإنسان العادي الحجم يقارب 12000 كيلو غرام.
- فلماذا لا يسحقنا هذا الضغط الذي يعادل وزن فِيلَيْنِ كامِلَيْ النموّ؟
* السبب هو أن الهواء بداخل الجسم يضغط بمثل ضغط الهواء الخارجي.

أما إذا صعد إنسان في المنطاد إلى أعالي الجوّ فإنه يتعرض للخطر لتعذر التنفس، كما يقلّ ضغط الهواء داخل الجسم فيطفر الدم عبر الأذنين أو ينزّ من خلايا الجسد. ولهذا فإنّ مقصورة الركاب في الطائرات التي تحلق عاليا تكون مكيّفة الضغط بحيث يتنفس فيها الركاب بصورة طبيعية ولا يتأثرون بانخفاض الضغط خارج الطائرة. 

تجربة:
- اثقب قاع علبة معدنيّة بمسمار ثم أملأها بالماء (فوق حوض المغسلة).
- اضغط على فوهة العلبة براحة اليد لتسدها بإحكام.
- ماذا تلاحظ؟
* لقد توقف انسياب الماء عبر الثقب.
- ارفع يدك عن الفوهة فيعود جريان السائل. لماذا؟

إنّ ضغط الهواء قويّ في الأحوال العاديّة، وهو يتزايد بانضغاط الهواء. ويمكنك ملاحظة ذلك بنفخ بالون على مراحل وضغط إصبعك في جانبه بعد كلّ مرحلة.
لاحظ كيف يرتدّ غشاء البالون بسرعة بعد انزياح إصبعك لأنّ ضغط الهواء في البالون بسرعة بعد انزياح إصبعك لأنّ ضغط الهواء في البالون يزيد على ضغط الهواء الخارجي.

تجربة:
- أملأ كوبا حتى الحافة بالماء.
- غطّ فُوهة الكوب بتزليق قطعة من الورق المقوّى المصقول (مساحتها أكبر قليلا من مساحة الفوهة) فوقها.
- اضغط عليها براحة اليدّ بملامسة الماء.
- اقلب الكوب رأسا على عقب.
- أزح يدك عن قطعة الورق برفق (فوق المغسلة) وسيبقى الماء في الكوب وتبقى قطعة الورق في مكانها! (لا تيأس إن لم تنجح التجربة من أوّل مرّة).
* إنّ ضغط الهواء على قطعة الورق يشدّها إلى فوّهة الكوب بالرغم من وزن الماء. 


تجربة:
- اسلق بيضة يزيد قطرها بشكل ملحوظ على قطر فوهة قنينة لمدّة عشر دقائق.
- بردّ البيضة وقم بتقشيرها دون خدوش ثم ضعها فوق فوهة القنينة.
- أشعل عود ثقاب وارفع البيضة برفق لتسقط العود المشتعل داخل القنينة وأعدها إلى مكانها بسرعة.
- لاحظ ما يحدث مع استمرار اشتعال عود الثقاب واستهلاك أكسيجين الهواء في عملية الاحتراق.
* ينطفئ العود وتدفع البضة إلى داخل القنينة لانخفاض الضغط بداخلها عن ضغط الهواء الخارجي.

والآن عليك استخراج البيضة من القنينة دون تقطيعها، وهذا الأمر ليس سهلا ولكنّه ليس بمستحيل!
- قم بالنفخ عبر فوهة القنينة سادا إياها بقفا شفتيك حتى لا يخرج الهواء الذي نفخته.
- واصل النفخ ثمّ اقلب القنينة لإدخال البضة في عنق القنينة.
- ارفع شفتيك عن الفوهة وستندفع البيضة عبرها إلى الخارج.
* والسبب أن ضغط الهواء داخل القنينة أصبح بالنفخ أكثر منه خارجها.

قيس الضغط الجوّي

آلات قيس الضغط الجوي
يقاس الضغط الجوّي بالبارومتر، فمراكز الأرصاد الجوية تستخدمه لمعرفة التغيرات في ضغط الهواء. وكثيرا ما تعني هذه التغيرات أن الطقس سيتغير. كما يمكن استخدام البارومتر أيضا لقياس الارتفاعات المختلفة حيث يقل الضغط الجوي كلما زاد الارتفاع.

ولقد اخترع العالم الإيطالي إيفانجليستا توريشلي البارومتر عام 1643م. وكان جهاز توريشلي يتكون من أنبوب زجاجي طويل وضعه مقلوباً وهو مملوء بالزئبق، في كوب من الزئبق فانخفض عمود الزئبق في الأنبوب، وأصبحت قمته على ارتفاع 76سم فوق سطح الزئبق الذي في الكوب. وظل الزئبق ثابتا في الأنبوب نتيجة لضغط الهواء على سطح السائل في الكوب. وبذلك أثبت توريشلي أن الضغط الجوي يعادل تقريبا وزن عمود من الزئبق طوله 76سم. 

وتقيس البارومترات الحديثة الضغط الجوي بالمليمتر الزئبقي أو بوحدة تسمى البار تنقسم إلى ألف مليبار. والبار وحدة ضغط في النظام المتري، ويسجل العلماء معظم قياسات الضغط بالمليبار. فمتوسط الضغط الجوي عند مستوى سطح الأرض 1,013 مليبار، وهو يساوي 760ملم زئبقي.

ولمقارنة قياسات الضغط المأخوذة عند الارتفاعات ودرجات الحرارة المختلفة يُحوِّل العلماء هذه القياسات إلى القيمة التي تساوي الصفر المئوي عند سطح البحر.

أنواع البارومترات
يوجد نوعان رئيسيان من البارومترات: الزئبقي والمعدني.
البارومتر الزئبقي:
هو يعمل بالمبدأ نفسه الذي يعمل به بارومتر توريشلي. ويتكون من أنبوب زجاجي من الزئبق له مستودع عند القاع، وتسبب التغيرات في ضغط الهواء ارتفاع أو انخفاض الزئبق في الأنبوب. وهناك مقياس بجوار الأنبوب يبين الضغط بالمليبار أو المليمتر الزئبقي. وتبين بعض الأنواع الأقدم الضغط بالبوصة الزئبقية. ولكي نحصل على قراءة دقيقة يتعين تعديل المقياس حيث تكون نقطة الصفر في مستوى سطح الزئبق نفسه الموجود في المستودع. وهذا التعديل ضروري لأن هذا السطح يرتفع حينما ينخفض الزئبق في الأنبوب، وينخفض عندما يرتفع الزئبق في الأنبوب.

البارومتر المعدني:
هو أقلّ دقة من البارومتر الزئبقي لكنه أكثر حساسية في قياس تغيرات ضغط الهواء. ويقيس البارومتر المعدني تأثير ضغط الهواء على غرفة معدنية سُحِب منها جزء من الهواء. وتجعل التغيرات في ضغط الهواء الغرفة تتمدد أو تنكمش مؤدية إلى تحرك إبرة على قرص مقسم إلى مليبارات أو مليمترات أو بوصات. وهذه البارومترات الخفيفة التي يمكن حملها تُستخدم على نطاق واسع في المنازل والمكاتب والمدارس والسفن والطائرات.

ويستخدم العلماء نوعا من البارومترات المعدنية يسمى الباروجراف لتسجيل التغيرات في الضغط الجوي. ويشتمل الباروجراف على قلم يسجل ضغط الهواء على ورقة مركبة على أسطوانة تدور ببطء وبها رسم بياني.

استخداماته:
وظيفة البارومتر الرئيسية في عملية التنبؤ بالجو هي تسجيل الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر، وما يطرأ عليه من تغيرات. فأي تغير في الضغط الجوي يدل عادة على تغير في الطقس. ويظهر الجو الملبد بالغيوم عموما في مناطق الضغط المنخفض، والجو الصافي في مناطق الضغط المرتفع. أما الفائدة الأخرى الكبيرة للبارومترات فهي قياس الارتفاع. فالضغط الجوي يقل في الأماكن الأكثر ارتفاعا، لأن الهواء هناك يكون أخف، وأقل، وبذلك ينخفض ضغطه. وعلى سبيل المثال ينخفض متوسط ضغط الهواء من 1013 ملِّيبار عند مستوى سطح البحر إلى 700 ملِّيبار عند ارتفاع 3000م وإلى نحو 300 ملِّيبار على ارتفاع 9100 م. ويستخدم الطيارون نوعا من البارومترات يسمى مقياس الارتفاع الضغطي وذلك لبيان ارتفاعهم. ويبين المقياس الارتفاع أكثر مما يبين الضغط. وقد يستخدم الجوالة ومتسلقو الجبال البارومترات لقياس الارتفاعات.

وحدات قيس الضغط الجوّي
إنّ الوحدة العالمية للضغط الجوّي هي الباسكال، ويرمز لها بـ (Pa) .
ولكنّنا نستعمل كذلك:
  • الهيكتوباسكال (hPa) حيث أن: 1hPa = 100 Pa 1      
  • البار (bar) حيث أن: 1bar = 100000 Pa = 1000 hPa 1       
  • الميليبار (mbar) حيث أن: 1mbar = 100 Pa = 1 hPa 1

كيفية صنع بارومتر بسيط
- أملأ قنينة حتى ثلاثة أرباعها بالماء ثمّ نكسها في طبق ماء.
- ألصق شريحة ورق مدرّجة على ظاهر القنينة لتسجيل تغيّرات الضغط الجوّي.
- عيّن الدرجة حين الطقس جيّد، وحينما الطقس ماطر عاصف، وبيّن عليهما ذلك.
* إنّ ارتفاع الماء في القنينة دليل على ارتفاع ضغط الجوّ وتحسّن الطقس، أمّا انخفاضه فقد يكون نذير مطر أو عواصف.

إن هذا البارومتر يبيّن تغيّر الضغط الجوّي مع ملاحظة أنّه يتأثر بتغير درجة الحرارة أيضا. ويدلّ اتجاه البارومتر المستمرّ نحو الصعود إلى تحسن الأحوال الجوّية، بينما يشير البارومتر الهابط إجمالا إلى تغيّر الطقس نحو الأسوأ.

تعريف المادّة - الحالات الفيزيائية للمادّة في الطبيعيّة

تعريف المادّة:
كل ما يخطر ببالك يتألّف من المادّة – كالكتاب الذي نقرأه، أو الكرسي الذي نجلس عليه، أو الماء الذي نشربه -. غير أن المادّة ليست تلك الأشياء التي تستطيع لمسها فحسب، بل تشمل أيضا الهواء الذي نتنفسه والكواكب والنجوم في الفضاء، كما كلّ الكائنات من حيوانات ونبات وجماد.

وتتألف المادّة بمختلف أنواعها وأشكالها من جسيمات دقيقة تدعى ذرّات؛ وهذه تتألّف بدورها من جسيمات دون الذرّيّة أصغر بكثير من الذرّات. وعلم الكيمياء يدرس تركيب المادّة، وكيفية ترابط الذرّات بعضها ببعض لتكوّن المواد المختلفة.

الحالات الفيزيائية للمادّة في الطبيعيّة:

إنّ الجبال والبحار والهواء الذي يكتنفها تمثل الحالات الطبيعية الثلاث للمادّة. فالجبل يتألّف من صخر جامد، والبحيرة تتألف من سائل هو الماء،  والهواء الذي نستنشق غازي القوام. معظم الجوامد صلبة لذلك نسميها بالمواد الصلبة وهي ذات شكل وحجم محدّدين - رغم أن بعضها كالمطاط ذو شكل يمكن تغييره. والسوائل أو المواد السائلة فهي ذات حجم محدّد أيضا، لكن لا شكل ثابتا لها وهي سيالة. أما الغازات أو المواد الغازية فليس لها حجم ولا شكل محدّدان، وهي أيضا سيالة، ومعظمها عديمة اللون لا يرى.

وتدعى السوائل والغازات مجتمعة بالموائع لأنها تسيل أو تنساب. ويختلف سلوك الحالات الثلاث للمادّة لأن جسيماتها تتحرك بأشكال مختلفة. 


المواد الصلبة: المواد الصلبة أو الجوامد، كالكتب مثلا، لها شكل معين، وليس من السهولة تغيير ذلك الشكل، لأن جسيمات الجسم الجامد مترابطة بعضها مع بعض بروابط قوية تجعل بنيتها بنية صلبة. 


المواد السائلة: عندما تصب شرابا في كوب، فالسائل يتخذ شكل الكوب مهما كان. أمّا إذا اندلق السائل فإنّ شكله يتغير. وإذا صببت السائل في وعاء آخر، فسيتغير شكل السائل أيضا، لكن حجمه يبقى ثابتا.

المواد الغازية: تنتشر الغازات لتملأ الحيز الذي تتواجد فيه لأن جسيماتها سريعة الحركة. لذا فالغاز ليس له حجم أو شكل معين بل هو يتخذ شكل الوعاء المتواجد فيه. فهذا البالون، الببغائي الشكل مثلا، معبأ بغاز الهليوم. والأشياء تمرّ عبر الغاز بسهولة لأن جسيماته بعيدة بعضها عن بعض. 

ملاحظة:

هنالك حالة رابعة للمادّة تدعى البلازما، لكنّها غالبا لا تشاهد. فهي تتواجد فقط على درجات الحرارة العالية جدا داخل الشمس والنجوم الأخرى، أو فوق الأرض على ضغوط خفيضة. تتألف البلازما من ذرّات منشطرة بفعل الحرارة أو الكهربائية الهائلة الشدّة. 

حالات المادّة في خدمتنا:

المواد الصلبة والمواد السائلة والمواد الغازية حوالينا في كل شيء، وتخدمنا في عدّة مجالات. ففي الدراجة مثلا، ترى حالات المادّة الثلاث تعمل متكاملة بانسجام. فالعديد من أجزاء الدراجة مصنوع من الجوامد، والهواء المضغوط يملأ العجلتين، والزيت سائل لا بد منه على سلسلة الدراجة وأجزائها المتحركة كافة.

المواد الصلبة في خدمتنا: هيكل الدراجة جاس صلب، وإطارا العجلتين وبرامقهما صلدة متينة. فجُسُوُّ الهيكل أساسي لبنية الدراجة وتماسكها. وفولاذ الإطارين والبرامق الصلد يحفظ دقة استدارة العجلتين، وهذه الدقة ضرورية ومطلوبة لسلاسة وسلامة الدروج.

المواد السائلة في خدمتنا: المواد السائلة كلها سيّالة، وبعضها أكثر سيولة من البعض الآخر. ولُزُوجَة السائل مقياس يحدّد سرعة أو بطء سيولته. فالماء ينساب بسهولة لأنه قليل اللزوجة، أما الزيوت فتنساب ببطء لأنها أشد لزوجة. وتستخدم المواد السائلة اللزجة، كالزيت، بين الأجزاء المعدنية المتحركة لتقليل الاحتكاك فيما بينها، ويعرف هذا بالتزليق.


المواد الغازية في خدمتنا: خلافا للمواد الصلبة والمواد السائلة، فالغازات لا حجم ثابتا لها، أي إنّك تستطيع ضغط الغاز أو تقليل حجمه. والغازات تنضغط لتواجد فراغات جمّة بين جسيماتها. فإذا مرّ دولاب دراجة فوق مطبّ وارتطم بجسم صلب، ينضغط الهواء داخله فتخمّد رجّة الصدمة، ويخفّ إحساس راكب الدراجة بها.

تغيّرات الحالة:

إذا تقلّب زيتا ساخنا بملعقة لدائنيّة فإنّ الملعقة تنصهر. فاللدائن جامدة على درجة الحرارة والضغط العاديين. لكن بتغيير الظروف تتغيّر حالتها كسائر المواد الصلبة. كذلك إذا وضعت عصير البرتقال في المجمدة، وهو سائل في الظروف العادية، فإنه يجمد. وإذا زفرت على لوح زجاج بارد، فإن بخار الماء (الذي هو غاز عادة) في زفيرك سيتكثّف إلى قطرات من السائل. وإذا شعّت الشمس على تلك القطرات، فإن حرارة أشعتها تعيد القطرات ثانية إلى غاز يتبخر في الهواء مجددا. والواقع أنه حتى أصلب الصخور تنصهر على درجات الحرارة والضغوط العالية جدا المتواجدة تحت القشرة الأرضية. إن معظم المواد التي نعرفها تتحول إلى حالة إلى حالة أخرى عند تغيير درجة الحرارة والضغط بقدر معيّن.

من جامد إلى غاز: إذا أحميت جامدا حتى درجة الانصهار، فإنّه يتحول إلى سائل. وإذا تابعت الإحماء فإنّ السائل يبلغ درجة يبدأ عندها بالتحول إلى غاز، وهذه هي درجة الغليان. على هذه الدرجة، تكسب جسيمات السائل من الإحماء المستمر، طاقة كافية ليتحرر بعضها من بعض، فتتكون في السائل فقاعات من الغاز. لكن نذكر أنّ المواد السائلة تتحول دوما إلى غاز ببطء حتى على درجات حرارة دون درجة الغليان، وهذا يدعى التبخر.


التكثّف: تتجمع قطرات من الماء على كوب زجاجي بارد لأن جسيمات بخار الماء في الهواء المماس للكوب تتحول إلى ماء. الزجاج البارد ينزع طاقة من الجسيمات فيحوّلها إلى سائل.


التبخّر: يجفّ الحبر السائل لأنّ الماء فيه يتحوّل إلى بخار ويتصاعد في الهواء. ويتمّ هذا لأنّ بعض جسيمات الماء تكسب ما يكفي من الطاقة للإفلات متحولة إلى غاز.


التصعيد: أحيانا يتحول الجامد إلى غاز مباشرة، وهذا يعرف بالتصعيد. فالجليد الجاف يتصعّد مباشرة إلى غاز، لذا يستخدم على خشبة المسرح لتوليد سحب مستغربة مثيرة. والجليد الجاف هو في الحقيقة ثاني أكسيد الكربون المجمّد، ويدعى الجاف لأنّه يتحوّل إلى غاز مباشرة متجاوزا حالة السيولة.


الانصهار: جسيمات الجامد متراصة معا بقوة، لكنها عند الإحماء تتزايد ذبذبتها أكثر فأكثر حتى تفلت من مواقعها الثابتة وينساب بعضها فوق بعض متحولة إلى سائل. مثل هذا يحدث عند انصهار قطعة من الشوكولاتة.


التجمّد: يتجمد الشمع المتقطر من شمعة مضاءة بسرعة. وذلك لأن الجسيمات، التي تسارعت وسالت بحرارة اللهب، تتناقص سرعتها مجددا عند زوال الحرارة فتتراص فيما بينها. وعندما تقلّ سرعتها بقدر كاف، تثبت في مواقعها وتجمّد.


حالات الماء: الماء فريد في كثرة تواجده بالحالات الثلاث للمادّة في حياتنا اليومية. فهو في حالة الجمود ثلج أو جليد، وفي حال السيولة ماء، وفي الحالة الغازية بخار. وخصائص الماء في حالاته الثلاث هذه، مهمّة لكلّ شيء على الأرض، فالنباتات والحيوانات، مثلا، تحتاج الماء باستمرار من أجل بقائها.


دورة الماء في الطبيعة: الماء (السائل) يتبخر، والثلج (الجامد) يتصعد، في الهواء. وبخار الماء يتكثف إلى قطيرات مكونا السحب في الجوّ، ثم تسقط القطيرات عائدة إلى الأرض مطرا أو ثلجا - في دورة متوالية دون انقطاع بالغة الأهمية لكل شيء على الأرض.

القدرة البخارية: يتحول الماء عند الغليان إلى بخار، فيشغل حيزا أكبر من حجم السائل الذي تولد منه. ولما كان بخار الماء الساخن يزخر بالطاقة فإنه يستخدم في تدوير المحركات الحرارية كالتربينات البخارية. يندفع بخار الماء عبر أرياض التربينات على درجة حرارة وضغط عاليين جدا، فيدير دواليبها. 


التغيرات بالضغط: يمكن بالضغط تحويل المادّة من حالة إلى أخرى. فالتزلج على الجليد ممكن لأنّ المزلجتين تنزلقان على الجليد فوق طبقة رقيقة من الماء. إن ثقل المتزلج المركز على شفرة المزلجة يحدث ضغطا عاليا جدا تحتها. وهذا الضغط يسيّل الجليد حال مرور (شفرة) المزلجة فوقه.

الجليد المتمدّد: لعلك لاحظت (أو سمعت عن) تفجر أنابيب الماء في طقس شديد البرودة. والسبب في ذلك أن الماء داخل الأنابيب يتمدد خلال عملية التجمد فيفجرها.

خصائص المادّة:

يُصنع الكثير من أواني الطبخ كالغلايات ذوات المقابض من الفولاذ واللدائن - الجسم من الفولاذ والمقبض لدائني. - والسبب البسيط هو أن الفولاذ موصّل جيد للحرارة، فسمح بانتقالها إلى الماء كي يغلي أو إلى الطعام كي ينضج. أما اللدائن الجيدة العزل، فتمنع وصول الحرارة إلى أيدينا. فالعزل الجيد أو الموصلية الجيدة مثل على خاصة معينة من خصائص المادّة. بعض هذه الخصائص، كالموصلية، يمكننا قياسه، أما بعضها الآخر، كالرائحة مثلا، فبمقدورنا وصفه فقط. يقيس العلماء خصائص العديد من المواد المختلفة على درجة الحرارة والضغط العاديين كي يستطيعوا المقارنة فيما بينها بدقة.

إدراك المادّة بالحسّ: الناس في حياتهم اليومية لا يصفون الأشياء بالطريقة نفسها كما يفعل العلماء. فنحن في الغالب نعتمد على حواسنا أكثر من اعتمادنا على القياس بالأجهزة. لكن حواس البشر ليست متوافقة ولا منسجمة، كما إنها تعجز عن قياس شدة الرائحة المنبعثة من شيء، كما عن تحديد نوع مذاقه بدقة. وقد يدرك بعض الناس الأشياء بحسهم بشكل مختلف تماما عن إدراك بعضهم الآخر لها.


الكثافة: للحجم نفسه من مواد مختلفة كتل مختلفة، تبعا لكثافتها. وكثافة جسم ما، هي كتلة الصنتيمتر المكعب منه بالغرامات. أحيانا تعطى كثافات الجوامد والسوائل والغازات ككثافات منسوبة إلى الماء (أي كثافات نسبية).


الوزن والكتلة والحجم: يمكنك قياس كميّة الشيء بطريقتين: إمّا بواسطة حجمه أو بواسطة كتلته. فنحن مثلا، نشتري البنزين بالحجم (بالمتر أو بالغالون) - أي بكميّة الحيز الذي يشغله -. ولكننّا نشتري البطاطا بالكتلة (بالكيلوغرام أو بالرطل) - أي بكميّة المادّة في كيس البطاطا -. إنّ حجم الشيء يمكن تغييره بالضغط أو بالحرارة، لكن كتلته تبقى ثابتة دون تغيير، أمّا وزن الجسم فهو مقدار القوّة التي تشدّه بها جاذبية الأرض، ويتوقّف مقدار هذه القوّة على كتلة الجسم.


المقاومة (المتانية): معظم الفلزات متينة ضد الشدّ لذا تستخدم في بناء الإنشاءات الضخمة، كالجسر مثلا. فمديده يعلّق بكبلات فولاذية متينة تصمد أمام ثقل الجسر وما يعبر فوقه. وتصنع الأعمدة التي تدعمه من الخرسانة المسلحة التي تصمد بقوتها ومقاومتها أمام كافة قوى الهصر المؤثرة على الجسر.


اللدونة: إذا كبست بعض المواد، كالبلاستيسين (الطين اللدائني) أو المعجونة، يتغير شكلها ويبقى على تغيره، لذا تدعى هذه المواد بالمواد اللدينة. هنالك أنواع مختلفة من اللدانة كالطروفية (قابلية التطريق) والمطيلية (قابلية المطل). فالفلز طروق إذا استطعنا تطريقه صفائح رقيقة دون تكسر، ومطول (أو مطيل) إذا استطعنا سحبه أسلاكا دقيقة دون تقطع.


توصيل الحرارة: الفلزات موصلات جيدة للحرارة بسبب بنيتها الذرية. أما بعض المواد الأخرى، كاللدائن والخشب، فموصليتها الحرارية ضئيلة جدا أو معدومة، لذا فهي عازلات جيدة تصلح لتغليف الموصلات الحرارية. وللسبب نفسه تصنع مقابض الأواني المطبخية، كالغلايات والقدور، من اللدائن.


المرونة: للمطاط خاصية لافتة، فهو يمتط بالشط وينكمش عائدا إلى حجمه الأصلي عند زوال القوة المؤثرة. هذه الخاصية تدعى المرونة. إن معظم المواد، حتى الفلزات مرنة، ولمرونة بعض المواد حد، يدعى حد المرونة، لا تستعيد المادّة شكلها وحجمها الأصليين إذا ما تخطته.


توصيل الكهرباء: تسري الكهرباء عبر الفلزات بسرعة، لذا فهي موصلات جيدة للكهرباء، والسبب في ذلك عائد إلى وجود إلكترونات طليقة الحركة على ذرّات الفلزات. أما اللدائن والزجاج والخشب ومعظم الجوامد الأخرى، عدا الكربون، فهي موصلات رديئة، أو عازلة، للكهرباء، ولذا تستخدم اللدائن لتغليف الموصلات الكهربائية كأسلاك الكبول.


القصافة: المطاط مرن في درجات الحرارة العادية. أما هذا البالون الذي جرى غمسه في النتروجين السائل (على درجة حرارة – 196° س) فقد أصبح قصفا يتفتت قطعا عند طرقه بمطرقة. بعض المواد، كالزجاج، قصف على درجات الحرارة العادية، وبعضها الآخر، كالطين، لدن عادة، لكن يصبح قصفا بعد الشيِّ في أتّون أو فرن.


الذوبانية: كثير من المواد سواء كانت في حالتها الصلبة أو السائلة أو الغازية تذوب في الماء، أو في سوائل أخرى. لتكوّن محاليل، فنقول إنّها ذؤوبة أو ذوابة، فالسكر يذوب في الشاي، والملح يذوب في الماء. المادّة التي تذوب تسمى المذاب، والسائل الذي تذوب فيه يدعى المذيب. والماء غالبا ما يدعى المذيب العام لأن مواد كثيرة جدا تذوب فيه. وخاصية الماء هذه، أساسية للحياة، لأنّ الماء يطوف حاملا المواد المذابة في دم الحيوان كما في نسغ النبات. والحيوانات التي تعيش في الماء تحصل على الأكسجين اللازم لعيشها من المذاب منه في الماء.


نقطتا (أو درجتا) الانصهار والغليان: كل مادّة نقية لها نقطتا انصهار وغليان ثابتتان على الضغط الجوي العادي. أما إذا كانت المادّة مشوبة، فإنّ نقطتي الانصهار والغليان تتغيران. فالملح على الجليد يخفض نقطة انصهاره فيتحول الجليد إلى ماء. وما لم يشتدّ الطقس بردا فلن يعود الماء الصهير إلى التجمد.

Membres

Translate